"وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنّه * * * نازعتني إليه في الخُلدِ نَفسي"
اعتبر هذا البيت امتداد للشعر الأندلسي الرقيق والعميق في إيصال المعاني في العصر الحديث.
بهذا البيت من أندلسيات أمير الشعراء "أحمد شوقي"
أتسأل هل نعي حب الأوطان أو هل هي كلماتٌ نرددها
أم أن حبنا لأوطاننا مقرون بعوامل لا نعيها إلا مع زوال ذلك العامل المؤثر و عندما يزول ذلك العامل المؤثر نبتعد عن حُبِ أوطاننا، وننغمس في مشاغل الحياة اليومية.
هل حب الأوطان سمة الفقراء أم هي سمة يتغنى بها الميسورين في الحياة الدنيا
أم أنها فقط شهادة نرفعها كلما ضاقت علينا أوطاننا.
هل الحياة التي نكابد تقلباتها هي من يملي علينا حُبْ الوطن.
هل الوطن منزل.
أم هل الوطن عنوان في مدينة نسعد بأن نجد أنفسنا بها.
أم الوطن هو ذلك الحي الذي نشأنا وترعرعنا به.
ماذا لو كان الوطن قلب إنسان ينبض بجوارك.
هل اقتربت من ذلك الحي لتشعر بنبض ذلك القلب المسكين.
هنا أستوقفني أبيات ذائعة الصيت لقيس بن الملوح في ليلي العامرية حين قال:
أمر على الديارِ ديارُ ليلى * * * أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي * * * ولكن حب من سكن الديار
لكن في زمننا هذا لا أجد أكثر تبليغاً وإيصالاً لتلك الأحاسيس من المثل الشعبي الذي يقول (البيت بسكانه وليس بحيطانه)
فكل إنسان يحتاج إلى من يسكن قلبه وكذلك يحتاج لداراً يُسْكِنَها قلبه . . .
فأين أنت من تلك الدار!!!
لبيتٌ تخفق الأرواحُ فِيه * * * أحبُّ إليَّ من قصر مُنِيفِ
ولُبْس عباءة وتقرّ عيني * * * أحبُّ إليَّ من لُبْس الشُّغوفِ
نعم لقد وجدت ذلك الوطن القريب من قلبي
وحتماً سوف أردد ما قاله الشاعر:
و لما قسـا قلبي و ضاقـت بي مذاهبي
جـعـلتُ رجـائْي نحـو عَفْـوكَ سُلـما
تعاظمي ذنبي فلما قرنتهُ بِعـفْــوك ربـّي
كـان عفوك أعظـما
فما زِلْت ذا عفوٍ عنْ الذْنبِ ولم تزل
تجـود و تعفـو منّة و تَكْـرُمـا
أبوعبدالله